حفظ القرآن الكريم ـ الجزء الاول
بقدر إقبالك على القرآن يكون إقبال الله تعالى عليك، وبقدر إعراضك عن القرآن يكون إعراض الله تعالى عنك ، وإنما يكون حظك يا عبد الله من درجات دار السلام بقدر حظك من القرآن . قال خباب بن الأرت لرجل : ( تقرب إلى الله ما استطعت ، واعلم أنك لن تقرب إلى الله تعالى بشيء هو أحب إليه من كلامه) . و قال عثمان بن عفان : لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم . وقال بعض السلف لأحد طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا . قال : لمؤمن لا يحفظ القرآن !! فبم يتنعم !! فبم يترنّم ! فبم يناجي ربه تعالى !؟ .
قال ابن القيم رحمه الله : قال بعض السلف: نزل القرآن ليعمل به فاتَخَذوا تلاوته عملا ، ولهذا كان أهل القرآن هم العاملون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه ، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم .
هذه بعض الفوائد و النصائح و القواعد التي تعينك على التأثر بكتاب الله و حفظه ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن تنتفع بها في الدارين ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ). (ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )
فوائد قيّمة ونصائح غالية
1ـ تضرع إلى الله سبحانه وتعالى وأكثر من الدعاء بأن يعينك على حفظ القرآن فإن القرآن كما قال محمد بن واسع : ( بستان العارفين ، فأينما حلُّوا منه حلُّوا في نزهة ) . واعلم أن الإلحاح في الدعاء من أعظم آداب الدعاء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ) قيل : يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال : ( يقول : قد دعوت و قد دعوت فلم أرَ يستجيب لي فيستحسر عند ذلك و يَدَع الدعاء ) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة. و كما قيل : من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له .
2ـ اجعل لك وِرْداً يوميا تتلو فيه القرآن و حبذا أن لا يقل عن جزء في اليوم ، و لا تبدأ عملك اليومي في مدارسة العلم إلا بعد الانتهاء من ورد القرآن . و لا يشغلنك الحفظ عن التلاوة ، فإن التلاوة وقود الحفظ.
3ـ داوم على أذكار الصباح و المساء و النوم ، و أيضا المداومة على الأحراز التي تحفظك بإذن الله من الشيطان، فإن الذكر عدو الشيطان قال تعالى : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) المائدة آية 91 . فإِنْ حَفِظَك اللهُ من الشيطان استطعت المداومة على تلاوة كتابه وحفظه ، لأن الشيطان نعوذ بالله منه إذا عجز عن إيقاع المسلم في الشرك والبدع والكبائر والصغائر، وسوس له ودعاه إلى الاشتغال بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب أو يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ، كمن يشتغل بالصلاة النافلة والإمام قائم يصلي الفريضة ، وكمن يشتغل بحفظ الشعر الذي هو كلام البشر و لا يحفظ من القرآن إلا القليل .
4ـ لا تتخلفن عن مجالس العلماء ، خاصة مجالس القرآن إلا لعذر ، ومقياس هذا العذر أنك لو وعدت في هذا المجلس بعشرة آلاف جنيه هل كنت ستتخلف عنها؟؟!!.. البعض لو دعي إلى عقيقة أو وليمة لبى مسرعا ، وإذا مر بمجلس علم ولى مدبرا!! ويقول البعض في هذه الأيام أستطيع سماع هذا المجلس من الأشرطة المسجلة !! ولكن هذا المسكين قد حرم نفسه من أجر عظيم وهو لا يعلم ، روى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله عز وجل ، و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ) .
5ـ عليك بالصاحب الذي يساعدك على ذكر الله، فإن بعض الأصحاب إذا دعوته لتلاوة القرآن أخبرك بأنه يريد الانصراف لأمر ما ، ولو أنك استرسلت معه في حديث غيره ما أخبرك بالانصراف ، فاظفر بالصديق الذي يعينك على تلاوة القرآن فإنه كنز نفيس .
6ـ إذا صليت وراء إمام ، و كنت تحفظ الآيات التي يتلوها في الصلاة ، فقف مستمعا لا مصححا ، فإذا التبست عليه بعض الآيات لتكن نيتك عند التصحيح إجلال كلام الله تعالى وحفظه ، وإلا كما جاء في سنن ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تعلم العلم ليباهي به العلماء ، أو يماري به السفهاء ، أو يصرف به وجوه الناس إليه ، أدخله الله جهنم ) .
7ـ اعلم أن بداية العلم هو حفظ القرآن، و كل آية تحفظها باب مفتوح إلى الله تعالى ، و كل آية لا تحفظها أو أنسيتها باب مغلق ، حال بينك و بين ربك ، واعلم أن المسلم لو عرض عليه ملء الأرض ذهبا لا يساوي نسيانه أقصر سورة في القرآن ، بل لا يساوي حرفا واحدا من كتاب الله تعالى ، فينبغي أن يكون حرصك على ما لا تحفظه من القرآن أكثر من حرصك على أقصر سورة في القرآن
8ـ حافظ على الوضوء عند قراءة القرآن مع إحسانه، ومعنى إحسانه هنا اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء .
9ـ المحافظة على الاستغفار والإكثار منه، فإن نسيان القرآن من الذنوب . قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : إني لأحتسب أن الرجل ينسى العلم قد عَلِمَه بالذنب يعمله جامع بيان العلم وفضله . وجاء في طبقات الحنفية لعلي القارى 2/487 ( وكان الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ورضي عنه : إذا أشكلت عليه مسألة قال لأصحابه : ما هذا إلا لذنب أحدثته ! وكان يستغفر، وربما قام وصلى ، فتنكشف له المسألة . ويقول: رجوت أني تيب عليّ . فبلغ ذلك الفضيل بن عياض ، فبكى بكاء شديدا ثم قال : ذلك لقلة ذنبه ، فأما غيره فلا ينتبه لهذا ) .
وجاء في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر في ترجمة وكيع بن الجراح الكوفي11/129 : (وهو أحد الأئمة الأعلام الحفاظ ، وقد كان الناس يحفظون تكلفا ، ويحفظ هو طبعا ، قال علي بن خثرم : رأيت وكيعا وما رأيت بيده كتابا قط، إنما هو يحفظ ، فسألته عن دواء الحفظ؟ فقال : ترك المعاصي ، ما جربت مثله للحفظ ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد : ( الذنوب جراحات ، ورب جرح وقع في مقتل !! وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله ، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي! وإذا قسا القلب قحطت العين، وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل والنوم ، والكلام والمخالطة).
و من آثار المعاصي كما ذكر ابن القيم في الجواب الكافي : ( حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تطفىء ذلك النور ) ، ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ، وتوقد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه بظلمة المعصية ، وقال الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يُهدى لعاصي
و ذكر ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى في سورة الشورى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } عن الضحاك قال : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ثم قرأ { وما أصابكم من مصيبة ..} الآية ثم قال الضحاك : وأي مصيبة أكبر من نسيان القرآن .
10ـ احذر من الغرور بما تحفظه من كتاب الله وتعلم القرآن ، وليكن تعلمك للقرآن ابتغاء ما عند الله واكتساب الخشية والسكينة والوقار لا الاستكبار . قال العلامة المناوي في فيض القدير : ( فإن العلم لا ينال إلا بالتواضع ، وإلقاء السمع ، وتواضع الطالب لشيخ رفعة، وذلُّه له عز ، وخضوعه له فخر . وقال السليمي : ما كان إنسان يجترىء على ابن المسيب ليسأله حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير . وقال الشافعي : كنت أتصفح الورق بين يدي مالك برفق لئلا يسمع وقعها . وقال الربيع -تلميذ الإمام الشافعي (و الله ما اجترأت أن أشرب الماء و الشافعي ينظر) ا.هـ
فانظر رحمني الله وإياك في أحوال السلف وكيف كان تواضعهم في العلم وشتى أمورهم ، واحذر ثم احذر أن تنظر إلى الناس بعين الاحتقار والتقليل من شأن بعضهم لأنك تحفظ القرآن وهم لا يحفظون فإنها مصيبة أيما مصيبة !!.
11ـ اعلم أخي أن حفظ القرآن نعمة عظيمة على الحافظ لكتاب الله تستحق الشكر حيث يكون القلب عامرا فاحمد الله أيها الحافظ واشكره على هذه النعمة ، قال تعالى : ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)إبراهيم
بقدر إقبالك على القرآن يكون إقبال الله تعالى عليك، وبقدر إعراضك عن القرآن يكون إعراض الله تعالى عنك ، وإنما يكون حظك يا عبد الله من درجات دار السلام بقدر حظك من القرآن . قال خباب بن الأرت لرجل : ( تقرب إلى الله ما استطعت ، واعلم أنك لن تقرب إلى الله تعالى بشيء هو أحب إليه من كلامه) . و قال عثمان بن عفان : لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم . وقال بعض السلف لأحد طلابه : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا . قال : لمؤمن لا يحفظ القرآن !! فبم يتنعم !! فبم يترنّم ! فبم يناجي ربه تعالى !؟ .
قال ابن القيم رحمه الله : قال بعض السلف: نزل القرآن ليعمل به فاتَخَذوا تلاوته عملا ، ولهذا كان أهل القرآن هم العاملون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه ، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم .
هذه بعض الفوائد و النصائح و القواعد التي تعينك على التأثر بكتاب الله و حفظه ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن تنتفع بها في الدارين ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه ( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ). (ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )
فوائد قيّمة ونصائح غالية
1ـ تضرع إلى الله سبحانه وتعالى وأكثر من الدعاء بأن يعينك على حفظ القرآن فإن القرآن كما قال محمد بن واسع : ( بستان العارفين ، فأينما حلُّوا منه حلُّوا في نزهة ) . واعلم أن الإلحاح في الدعاء من أعظم آداب الدعاء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ) قيل : يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال : ( يقول : قد دعوت و قد دعوت فلم أرَ يستجيب لي فيستحسر عند ذلك و يَدَع الدعاء ) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة. و كما قيل : من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له .
2ـ اجعل لك وِرْداً يوميا تتلو فيه القرآن و حبذا أن لا يقل عن جزء في اليوم ، و لا تبدأ عملك اليومي في مدارسة العلم إلا بعد الانتهاء من ورد القرآن . و لا يشغلنك الحفظ عن التلاوة ، فإن التلاوة وقود الحفظ.
3ـ داوم على أذكار الصباح و المساء و النوم ، و أيضا المداومة على الأحراز التي تحفظك بإذن الله من الشيطان، فإن الذكر عدو الشيطان قال تعالى : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) المائدة آية 91 . فإِنْ حَفِظَك اللهُ من الشيطان استطعت المداومة على تلاوة كتابه وحفظه ، لأن الشيطان نعوذ بالله منه إذا عجز عن إيقاع المسلم في الشرك والبدع والكبائر والصغائر، وسوس له ودعاه إلى الاشتغال بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب أو يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ، كمن يشتغل بالصلاة النافلة والإمام قائم يصلي الفريضة ، وكمن يشتغل بحفظ الشعر الذي هو كلام البشر و لا يحفظ من القرآن إلا القليل .
4ـ لا تتخلفن عن مجالس العلماء ، خاصة مجالس القرآن إلا لعذر ، ومقياس هذا العذر أنك لو وعدت في هذا المجلس بعشرة آلاف جنيه هل كنت ستتخلف عنها؟؟!!.. البعض لو دعي إلى عقيقة أو وليمة لبى مسرعا ، وإذا مر بمجلس علم ولى مدبرا!! ويقول البعض في هذه الأيام أستطيع سماع هذا المجلس من الأشرطة المسجلة !! ولكن هذا المسكين قد حرم نفسه من أجر عظيم وهو لا يعلم ، روى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله عز وجل ، و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ) .
5ـ عليك بالصاحب الذي يساعدك على ذكر الله، فإن بعض الأصحاب إذا دعوته لتلاوة القرآن أخبرك بأنه يريد الانصراف لأمر ما ، ولو أنك استرسلت معه في حديث غيره ما أخبرك بالانصراف ، فاظفر بالصديق الذي يعينك على تلاوة القرآن فإنه كنز نفيس .
6ـ إذا صليت وراء إمام ، و كنت تحفظ الآيات التي يتلوها في الصلاة ، فقف مستمعا لا مصححا ، فإذا التبست عليه بعض الآيات لتكن نيتك عند التصحيح إجلال كلام الله تعالى وحفظه ، وإلا كما جاء في سنن ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من تعلم العلم ليباهي به العلماء ، أو يماري به السفهاء ، أو يصرف به وجوه الناس إليه ، أدخله الله جهنم ) .
7ـ اعلم أن بداية العلم هو حفظ القرآن، و كل آية تحفظها باب مفتوح إلى الله تعالى ، و كل آية لا تحفظها أو أنسيتها باب مغلق ، حال بينك و بين ربك ، واعلم أن المسلم لو عرض عليه ملء الأرض ذهبا لا يساوي نسيانه أقصر سورة في القرآن ، بل لا يساوي حرفا واحدا من كتاب الله تعالى ، فينبغي أن يكون حرصك على ما لا تحفظه من القرآن أكثر من حرصك على أقصر سورة في القرآن
8ـ حافظ على الوضوء عند قراءة القرآن مع إحسانه، ومعنى إحسانه هنا اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء .
9ـ المحافظة على الاستغفار والإكثار منه، فإن نسيان القرآن من الذنوب . قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : إني لأحتسب أن الرجل ينسى العلم قد عَلِمَه بالذنب يعمله جامع بيان العلم وفضله . وجاء في طبقات الحنفية لعلي القارى 2/487 ( وكان الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ورضي عنه : إذا أشكلت عليه مسألة قال لأصحابه : ما هذا إلا لذنب أحدثته ! وكان يستغفر، وربما قام وصلى ، فتنكشف له المسألة . ويقول: رجوت أني تيب عليّ . فبلغ ذلك الفضيل بن عياض ، فبكى بكاء شديدا ثم قال : ذلك لقلة ذنبه ، فأما غيره فلا ينتبه لهذا ) .
وجاء في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر في ترجمة وكيع بن الجراح الكوفي11/129 : (وهو أحد الأئمة الأعلام الحفاظ ، وقد كان الناس يحفظون تكلفا ، ويحفظ هو طبعا ، قال علي بن خثرم : رأيت وكيعا وما رأيت بيده كتابا قط، إنما هو يحفظ ، فسألته عن دواء الحفظ؟ فقال : ترك المعاصي ، ما جربت مثله للحفظ ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد : ( الذنوب جراحات ، ورب جرح وقع في مقتل !! وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله ، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي! وإذا قسا القلب قحطت العين، وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل والنوم ، والكلام والمخالطة).
و من آثار المعاصي كما ذكر ابن القيم في الجواب الكافي : ( حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تطفىء ذلك النور ) ، ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ، وتوقد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه بظلمة المعصية ، وقال الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يُهدى لعاصي
و ذكر ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى في سورة الشورى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } عن الضحاك قال : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ثم قرأ { وما أصابكم من مصيبة ..} الآية ثم قال الضحاك : وأي مصيبة أكبر من نسيان القرآن .
10ـ احذر من الغرور بما تحفظه من كتاب الله وتعلم القرآن ، وليكن تعلمك للقرآن ابتغاء ما عند الله واكتساب الخشية والسكينة والوقار لا الاستكبار . قال العلامة المناوي في فيض القدير : ( فإن العلم لا ينال إلا بالتواضع ، وإلقاء السمع ، وتواضع الطالب لشيخ رفعة، وذلُّه له عز ، وخضوعه له فخر . وقال السليمي : ما كان إنسان يجترىء على ابن المسيب ليسأله حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير . وقال الشافعي : كنت أتصفح الورق بين يدي مالك برفق لئلا يسمع وقعها . وقال الربيع -تلميذ الإمام الشافعي (و الله ما اجترأت أن أشرب الماء و الشافعي ينظر) ا.هـ
فانظر رحمني الله وإياك في أحوال السلف وكيف كان تواضعهم في العلم وشتى أمورهم ، واحذر ثم احذر أن تنظر إلى الناس بعين الاحتقار والتقليل من شأن بعضهم لأنك تحفظ القرآن وهم لا يحفظون فإنها مصيبة أيما مصيبة !!.
11ـ اعلم أخي أن حفظ القرآن نعمة عظيمة على الحافظ لكتاب الله تستحق الشكر حيث يكون القلب عامرا فاحمد الله أيها الحافظ واشكره على هذه النعمة ، قال تعالى : ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)إبراهيم