تــــــــــابــــــــــع
منهج الرسول ( صلى الله عليه وسلم )في الحفاظ على سمعة الاسلام
ولم يزل النبي محافظاً على منهجية حماية سمعة الإسلام وبخاصة لدى التعامل مع الدول وأهل الملل الأخرى، عملاً بالتوجيهات الربانية، كما في قوله سبحانه: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ) [الأنفال:58].ويوضح هذه الآية الكريمة ما رواه سليم بن عامر قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، وفي رواية: فأراد ان يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول: الله أكبر الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عبسة رضي الله عنه، فأرسل إليه معاوية فسأله؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: "من كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يشد عُقدةً ولا يَحُلَّها حتى ينقضي أمدُها أو ينبذ إليهم على سواء" فرجع معاويةُ بالنَّاس. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يوصي من يعيِّنهم من القادة والسفراء ومن يتفاوض مع غير المسلمين ويقول لهم: إذا " أرادوك أن تجعلَ لهم ذِمَّة الله وذِمَّةَ نَبِيِّه فلا تجعل لهم ذِمَّةَ الله ولا ذِمَّة نَبِيِّه، ولكن اجعل لهم ذِمَّتَكَ وذِمَّةَ أصحابك، فإنكم أن تَخْفِرُوا ذِمَمَكم وذِمَمَ أصحابِكم أهونُ مِنْ أن تَخْفِرُوا ذِمَّةَ الله وذِمَّةَ رسولِه" رواه مسلم.
قال العلماء : الذمة هنا : العهد، ومعنى: تخفروا ، أي تنقضوا عهدهم ، والمعنى: لا تجعلوا العهد منسوباً إلى الله أو إلى نبيه عليه الصلاة والسلام ، فإنه قد ينقضه من لا يعرف حقَّه ، وينتهك حرمتَه بعضُ الأفراد. ولكن يكون العهد باسم القائد حتى يكون مسئولاً عنه هو.
وعند النظر في الحملات الجائرة لتشويه موروث الأمة الإسلامية وتاريخها ومقدساتها ، هذه الحملات التي يتبناها اليوم أقوام جعلوا هدفهم الأكبر الصد عن دين الإسلام ومنع الناس من الإقبال عليه، وسلكوا في سبيل ذلك مسلك التشويه والافتراء تارة ، وفي تارات أخرى يستغلون أخطاء بعض من ينتسبون للإسلام ، فراحوا يضخمونها ويسخرون لها وسائل الإعلام والاتصالات ليؤكدوا للعالم مزاعمهم نحو الإسلام ونحو نبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام، على غرار ما تابعناه في الفترة الأخيرة من حملات محاولة الإساءة للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
إن ذلك كله ليفرض علينا أهل الإسلام أن نجعل من أولويات التعامل مع غير المسلمين مبدأ (حماية سمعة الإسلام) و (حماية سمعة النبي صلى الله عليه) وأن نوضح الصورة الحقيقية للإسلام ، وأن نعرِّف بهدي رسول الله الذي قال الله عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107].والله غالب على أمرِه ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون.